
هذه الخطوة فاجأت في حينها الأقرباء قبل الغرباء بل أذهلت العالم بأسره، حيث أن إلغاء الجيش قد جاء بعد شهور قليلة من تحقيق خوسيه فيجيريس انتصاراً مهما خلال تمرد مسلح للدفاع عن نزاهة الاقتراع والتصويت .... تلك المواجهة
التي خلفت ما لا يقل عن 2000 قتيل.
وبعد مرور أكثر من ستة عقود، جاء على لسان بعض المحللين السياسيين أن ما حدث إلى جانب كونه "مثالا" أعطته البلاد للعالم، فهو في حد ذاته "صفقة" كبيرة قامت بتوجيه الميزانية التي كانت مخصصة للإنفاق على الشئون العسكرية، لصالح توفير حياة كريمة ودعم برامج الرعاية الاجتماعية التعليم والصحة.

بمرور الوقت، تم جني ثمار قرار إلغاء القوات المسلحة، حيث ساعد بكل "الفخر" حكام هذه الأمة الصغيرة على أن تثبت لغيرها من الأمم الأخرى كيف يمكن لأي بلد أن يعيش دون جيش، ودون ما يسمى بإعداد العدة، ذلك الحمل والثقل الذي تقوم به الكثير من الدول، ولاسيما في أمريكا اللاتينية، والذي يطلق عليه النزعة العسكرية أو الخدمة العسكرية الإجبارية أو التجنيد الإلزامي.
وبعد اثنين وستين عاما،ً أصبحت كوستاريكا البلد الأكثر تقدماً بين دول أمريكا الوسطى، وتأتي في مصاف الستة أماكن الأولى في أمريكا اللاتينية حيث سجلت أفضل مؤشرات التنمية البشرية.
بل وتجاوزت نسبة محو الأمية الـ 90 %، وتم تعميم خدمات الرعاية الصحية وأصبح التعليم الابتدائي مجانيا وإلزاميا، أما الفقر فقد وصلت نسبته في الاستطلاع الأخير لرأي الأسر إلى 3ر21 %.
وبهذا أصبحت كوستاريكا رغم صغر حجمها بلدا رائدا في أمريكا الوسطى من حيث الصادرات (حيث تبلغ صادرتها حوالي ثمان مليارات دولار سنويا) ، ويحتل كذلك المركز الثالث في العالم من حيث مؤشرات الأداء البيئي، والثالث في أمريكا اللاتينية من حيث مؤشر نوعية وجودة الحياة.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق